وقد جمع شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه الجواب الصحيح كثيراً من البشارات بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فكتابه هذا كتاب أصيل؛ وفي التعرف عليه فائدة لنا جميعاً؛ إذ أن من مشكلاتنا وأخطائنا -نحن الشباب والدعاة في هذا العصر- أننا لا نرجع إلى الكتب الأصيلة، والقليل منا من يرجع إليها ويأخذ منها.
وهناك أمر آخر: وهو أن كثيراً من الناس بهروا وذهلوا من مناظرات الشيخ أحمد ديدات على سبيل المثال، ولا شك أنها باهرة ورائعة، ولست هنا بصدد تقييمها ولكن هناك ما هو أعظم من ذلك وأولى، وأصوب وأدق وأقدم، وهو ما كتبه شيخ الإسلام رحمه الله في الجواب الصحيح، ففيه كلام أوسع أفقاً وأرحب مجالاً، ويقرر فيه حقائق عجيبة جداً غير مسألة إقامة الحجة عليهم، ولو أن أي حبر قرأه لما وسعه إلا أن يسلم أو يلجم؛ لأن فيه حقائق علمية قوية قاطعة.
وحين يعرض المسألة يعرضها بأوجه كثيرة وكأنه محايد كل المحايدة، ثم يأخذ الأدلة واحداً واحداً، حتى يقرر الحق الذي تشهد له العقول السليمة والفطر القويمة. فقد كان رجلاً عجيباً في تقرير الأدلة والرد على الخصوم.
ومعلوم من ديننا أنه لا يبيح صنع التماثيل، ولا تعظيم الأشخاص والغلو فيهم فوق ما يستحقون؛ لكنني أقول من واقع القراءة في فكر الغربيين ومعرفتي بهم على محدوديتها: لو كان شيخ الإسلام هذا أوروبياً، لصنعوا له تمثالاً في كل ميدان، ولجعلوا اسمه على كل شارع؛ لأنه يأتي بأشياء مذهلة، ويستوعب كل القضايا؛ حتى إنه ذكر قضية الترجمة واختلاف الأناجيل من حيث اللغات.
وهذا الكتاب ليس مختصاً فقط بالرد على النصارى، بل يرد على اليهود وعلى الفلاسفة، ويقرر حقائق عجيبة من القرآن الكريم والسنة المطهرة، في شرف هذه الأمة وفضلها، وفضل نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، وما خصها الله تبارك وتعالى به من الكرامة، وما ميزها به، وغير ذلك من الأمور، حتى في القضايا الفقهية والأصولية، والقراءات والترجمات، ومسائل الولاء والبراء، وأحكام كثيرة جداً لا أستطيع أن آتي بتفاصيلها، وسيرى القارئ طرفاً منها إن شاء الله.